المحافظة على اثار بلدنا

فجرت ثورة 25 يناير الكثير من الملفات ومن ضمنها ملف الآثار بعد ما طال المتحف المصرى من اعتداء، والإعلان عن اختفاء قطع أثرية مهمة جدا منه رغم التأكيد من قبل على عدم المساس بأى قطعة أثرية وهو ما أثار علامات استفهام عديدة حول كيفية الاختفاء ومن وراء ذلك؟ وأين ذهبت المسروقات وهل هى إحدى حلقات تهريب الآثار للخارج؟ ثم ماذا عن بقية الآثار الأخرى والتى قيل إنها آمنة بينما هناك من يؤكد أن أعمال السلب والنهب طالتها ؟ ولمصلحة من يتم هذا التضليل الإعلامى؟ وأسئلة أخرى كثيرة حملناها ووضعناها أمام الدكتور عبد الحليم نور الدين، الذى شغل من قبل منصب رئيس هيئة الآثار ومنصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. كما يعده الكثيرون رائد النهضة العلمية بالمجلس الأعلى للآثار ومعه كان هذا الحوار:
- بداية كيف ترى ما حدث من سرقات طالت المتحف المصرى أثناء الثورة ؟
أرى أن هناك لغزا غير مفهوم فلم يعلن حتى الآن عن أى سيناريو يتضمن حجم الذين قاموا بالاختراق وتوقيته، ولا المراحل التى قام بها المجرمون حتى يحققوا جريمتهم ولم نعرف من أين جاءوا ولا كيف خرجوا بمسروقاتهم.
-أول تصريح حول ذلك قال إنهم تسلقوا سلم الحريق ووصلوا إلى سطح المتحف إلى الأسطح المجاورة مثل سطح الحزب الوطنى ؟
هذا مستبعد تماما وغير واقعى فما لا يعرفه الكثيرون أن سطح المتحف يوجد به ما يسمى بالشراعة، وهى عبارة عن نوافذ زجاجية على شكل مثلث تفتح وتغلق وكنا نفتحها فى أوقات الصيف عندما تكون درجة الحرارة شديدة ولكنها كانت مؤمنة ومن الصعب، بل من المستحيل أن يستخدمها أحد فى الصعود لأسطح المتحف لأن المسافة بينها وبين أرض القاعة تتجاوز 7 أمتار ولابد من استخدام حبال سميكة وقوية جدا لاستكمال مراحل الصعود أو الهبوط. وبالطبع لا يمكن أن يتم ذلك مع أشخاص فى مظاهرة يسيطر عليهم الارتباك والهياج والفوضى .. وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة ومن أهمها هل درس هؤلاء المتحف قبل دخولهم؟ وهل كان هناك تنسيق بينهم وبين أحد الذين يعرفون قاعات المتحف ؟ ولماذا اختاروا مجموعة إخناتون وأسرته وتوت عنخ آمون والملكة نفرتيتى ويويا وتويا ؟ ثم كيف فعلوا كل ذلك والمتحف يسيطر عليه الظلام ؟
- وهل لا توجد بالمتحف إنارة حتى يسوده الظلام ليلا؟
المتحف ليلا تكون به إضاءة ليلية أو ما تسمى بالإضاءة الأمنية وهى إضاءة خافتة، ولا يمكن لأشخاص المفترض فيهم أنهم من انتهزوا المظاهرات واخترقوا المتحف أن يقوموا بعملية السرقة فى هذه الإضاءة الخافتة والتى ستصيبهم بالرعب فى ظل وجود التماثيل والتوابيت ولا يمكن أن تتم السرقة إلا بالاستعانة بمصادر إنارة أخري. فهل كانت معهم بطاريات سهلت لهم رؤية هذه القطع الأثرية التى لا مثيل لها فى المتحف ؟ ثم لماذا لم يتحدث أحد عن الكاميرات الموجودة بغرف التحكم والتى تسجل كل ما يحدث وتتابع كل شئ ؟ ليس هذا فحسب بل إنه بعد الإعلان عن السرقة عرضوا علينا من خلال تليفزيون الدولة من تم القبض عليهم من البلطجية والهاربين من السجون وأشاروا إلى أحدهم وقالوا إنه من لصوص المتحف. فأين هذا الشخص ولماذا لم نسمع عن إجراء أى تحقيق معه ؟
- وكيف تفسر التضارب فى أقوال الدكتور زاهى حواس فيما يتعلق بعدد القطع التى تمت سرقتها؟
بالفعل لقد أثارت هذه التصريحات البلبة والشك عندما قال فى البداية إن المتحف بخير ولم يسرق منه شئ وأن ما حدث هو كسر 13 فاترينة من التى بها نماذج تباع للسياح ليخرج بعدها وهو يقول إنه تمت سرقة 8 قطع ثم فى تصريح أخر وصل العدد إلى 18 قطعة حتى إن هناك مذيعة سألته عن العدد الحقيقى فقال إنهم 8 ولكن كل واحدة عبارة عن مجموعة تحسب على أنها رقم واحد!! ولا ادرى كيف ذلك وأنا كنت رئيس المنظمة العربية للمتاحف ولى مؤلف كبير فى المتاحف ولم أسمع يوما عن إمكانية تسمية مجموعة من القطع برقم واحد وما يحدث هو تسمية كل قطعة برقم خاص به كان نقول رقم 21a و21b. وفى الوقت الذى خرجت فيها هذه التصريحات أعلنت اليونسكو أن القطع التى تمت سرقتها بلغت 54 قطعة. فى حين أننى علمت بأن الجرد الأولى توصل إلى أنها بلغت 41 قطعة علاوة على خزينتى عرض تضم تماثيل لآلهة لم يتم جردها بعد بما يعنى أن العدد قابل للزيادة
- ولكن أعلن فيما بعد أنه تم العثور على بعضها ؟
من سرق هذه القطع وغامر بنفسه ودخل المتحف لسرقتها هل ستعييه الحيل فى الاحتفاظ بهذا الجعران الذى قيل إنه تم العثور عليه خصوصا أنه صغير ومن السهل وضعه فى الجيب؟ وهل يعقل أن التمثال الحجرى لأخناتون وهو يحمل مائدة القرابين سيلقى به أحد تحت كوبرى ولماذا يلقيه أصلا بعد أن سرقه.. حتى ولو كان ذلك صحيحا فمن يضمن أنها قطع أصلية ولم تستبدل كما سمعت من شباب كثيرين. فهناك بالفعل مجموعة محلات فيها نماذج هائلة يستحيل على الشخص العادى أن يفرق بينها وبين الأصل.
-هناك بيان خرج من المجلس المصرى العربى للتنمية البشرية والبيئية تداولته وسائل الإعلام اتهم زاهى حواس بالمسئولية عن هذه السرقات ؟
بالطبع هو يتحمل المسئولية فعند وقوع عمارة سكنية يتحمل المحافظ المسئولية، فكيف لا يتحمل هو ما حدث ولماذا أثار كل هذه البلبة بالتضارب فى تصريحاته ففى ظل هذه الظروف غير العادية كان فى إمكانه أن يقول بأننا فى انتظار الجرد وما ستسفر عنه التحقيقات دون الإعلان عن أى رقم .
- ربما كان مبرره فى ذلك طمأنة الناس؟
الطمأنة هذه ليست من حقه بل تدخل فى إطار التضليل الإعلامي، وعلينا أن نعرف الحقيقة ومن الذين تم القبض عليهم وأجرى معهم التحقيق فتضليل الرأى العام يمثل جريمة وعندما تغيب الحقيقة يغيب كل شئ ولا أدرى لصالح من يتم تضليل الرأى العام؟ خاصة أن هناك أقاويل تتسرب منذ فترة وقبل الثورة تقول بغياب هذه القطع من المتحف وأن هناك من انتهز هذه الفرصة لكى يطمس جريمة السرقة التى تمت من قبل. لذلك على أجهزة التحقيق الكشف عن ذلك، ولكن يبدو أنها مشغولة بملفات الفساد وإن كنت أرى أن سرقة 100 مليون جنيه يمكن تعويضها، لكن سرقة قطعة أثرية لا يمكن تعويضها، وبالتالى فالفساد هنا أكبر ويجب ملاحقته قبل أن تتوه معالمه
- هل صحيح أن القطع التى سرقت لا يمكن بيعها لأنها مسجلة حسبما أكد وزير الآثار؟
ضاحكا : الأرقام التى تحملها هذه القطع يمكن إزالتها وهناك طرق وأحبار خاصة لفعل ذلك وقد عشت 7 سنوات فى أوروبا حيث كنت أعمل فى أحد المتاحف هناك بجانب رئاستى للمنظمة العربية للمتاحف لمدة 6 سنوات ولدى فكرة كاملة عن هذه الأرقام وإمكانية إزالتها لأنها ببساطة ليست أرقاما محفورة ولكنها مكتوبة بنوع من الحبر يسهل إزالته.
- هل تعتقد أنه من السهل خروج هذه القطع من مصر حاليا؟
من معه قطعة أثرية مسروقة لن يخرجها حاليا من مصر إلا إذا كان يملك الوسيلة لإخراجها من الجمارك وقرية البضائع بسهولة أو تكون لديه القدرة على إخراجها فى حقيبة دبلوماسية لا يتم تفتيشها. وإذا خرجت الآن فلن تعرض إلا فى دولة تبيح تجارة الآثار وفى مقدمتها إسرائيل فهى الدولة الوحيدة التى تبيح تجارة الآثار فى الشرق الأوسط، وبعيدا عن ذلك ليس أمام سارق هذه القطع إلا أن ينتظر عاما أو عامين حتى تهدأ الأمور ويتمكن بعد ذلك من بيعها إما لتجار الآثار أو لأصحاب المزادات و المقتنيات الخاصة.
- وماذا عن باقى الآثار المنتشرة فى الأماكن الأثرية المختلفة ؟
عندما علمت بإلقاء زجاجات المولوتوف على المتحف المصرى اتصلت على الفور بالدكتور زاهى فما كان منه إلا أن قال لي: لا تصدق ما يقال وكل الأمور على ما يرام. فما كان منى إلا أن قمت بتكوين ما يسمى بغرفة عمليات لمتابعة ما يجرى فى الأماكن الأثرية الأخرى حتى إننى كنت يوميا أتلقى حوالى 200 مكالمة من المفتشين بهذه المناطق، وهم من الطلبة الذين كنت أدرس لهم وعندما جاءتنى استغاثات منهم اتصلت فى البداية بقيادات فى الآثار والمسئولين عن حمايتها فلم أجد استجابة، لذلك اتصلت بقيادات الجيش فكانت استجابتهم أسرع .
- وهل بالفعل تم الاعتداء على هذا المناطق ؟
هناك مناطق أثرية كثيرة تم اغتيالها أثناء الثورة تصل إلى حوالى 50 منطقة جرى اختراقها بواسطة لوادر وسيارات قامت بتحميل ما بداخل المقابر وحولها .. وفى الوقت الذى كان الجميع مشغولين بحماية منازلهم من البلطجية كان هؤلاء ينبشون فى المناطق الأثرية وينهبونها وهم مسلحون بالرشاشات بل هناك من قام بالبناء فى حرم هذه المناطق لأنهم يعلمون أن تجارة الآثار أربح من تجارة المخدرات .. لذلك أطالب بعد أن هدأت الأمور بضرورة التحرك فى مجموعات للتحقق فيما تم سرقته والمناطق التى تم نهبها وتقصى الحقائق بها وقد عرضت على قيادات المجلس الأعلى للآثار رغبة أعضاء فى جمعية الأثريين المصريين لتقديم أى نوع من الحماية ولكن للأسف كان الرد « وأنا أجيب لهم منين طبنجات» .
- تردد أنك كنت وراء مظاهرات الأثريين ضد الدكتور زاهى حواس ؟
رغم اختلافى معه فى الرأى إلا أننى كنت أول من دافع عنه عندما أبلغنى اللواء سامح خطاب رئيس قطاع الشئون المالية والإدارية بالمجلس الأعلى للآثار بتجمهر ما يزيد على ألف أثرى ضد وزير الآثار مطالبين بالتعيين والتلفظ بألفاظ غير لائقة عليه وعلى أسرته وطالبنى بالذهاب لهم لمطالبتهم بوجودى واعتبارى الضامن الوحيد لهم وبالفعل ذهبت لهم ودافعت عنه أمامهم وعقدت مع مجموعة منهم اجتماعا وللأسف لم يحضره حواس الذى كان مشغولا بالتسجيل للفضائيات وزاد الطين بلة عندما دخلت عليهم مدام انجى الموظفة بمكتب الدكتور زاهى وقالت للشباب» احمدوا ربنا إنتو كفاية عليكم 200 جنية « فثار الشباب عليها ثورة عارمة لأنها قالت ذلك، وهم يعلمون أنها تتقاضى مرتبا يكفى أكثر من 50 أثريا إذا ما تم تعيينهم وبعد أن قمت بتهدئة الأمور فى حضرة اللواء سامح خطاب توصلنا إلى جدولة لتعيينهم بمعايير عادلة فذهبت بها الى د. حواس فقابلنى بشكل سيئ وأتهمنى بأن أعضاء جمعية الأثريين التى أترأسها - وهو أيضا عضو فيها - هم من قاموا بالمظاهرات وهذا لم يحدث ورفض أى طلبات لتسجيل التعيين يأتى من خلال الجمعية وبدلا من مخاطبة الشباب قام باستدعاء الجيش وخرج من باب خلفى فزادت الهتافات تطالب بسقوطه لأفاجأ به يتهمنى بأنى أستخدم الفيس بوك فى عمل جروبات وصفحات للهجوم عليه، وهو ما لم يحدث ويجعلنى أسأله وهل أنا أيضا وراء اللافتات التى حملها الكثيرون فى ميدان التحرير للمطالبة بسقوطه كوزير للآثار ومحاكمته؟.
- هناك أيضا من يردد أنك تسعى لتولى منصب وزير الآثار لذلك تهاجم الدكتور زاهى حواس؟
رغم أن خبرتى السياسية طويلة وعملت مع أكبر القيادات السياسية فى مصر مثل فؤاد محيى الدين، وممدوح سالم والدكتور صوفى أبو طالب ومفيد شهاب وغيرهم فإننى لا أطمع فى هذا المنصب بل قمت بالاعتذار عنه عندما عرض على شمس بدران أن أتولى مسئولية وزير السياحة والآثار، وفضلت تحمل مسئولية المجلس الأعلى للآثار .
- ما الملفات التى تتمنى فتحها فى الفترة المقبلة ؟
هناك العديد ومنها المرتبات العالية جدا والسيارات التى تستخدم بلا حدود وملف المستشارين الذين يتقاضون مرتبات مهولة لا تناسب حجم ما يقدمونه، مثل هذا المستشار الذى يوجد بالمتحف المصرى الجديد ويتقاضى 400 ألف جنيه فى السنة كمرتب وهو غير متخصص فى الآثار والمتاح. أيضا أريد فتح ملف ترميم الآثار وإعادة جرد المتحف المصرى فهناك34 قطعة أثرية سرقت من المتحف المصرى منذ 5 سنوات ومنذ ذلك الوقت وهم يقولون بأنهم يقومون بالجرد !!! وكذلك ملف المعارض التى تقام فى الخارج والسفريات التى زادت على حدها وتحمل شبهات كثيرة علاوة على ملف تأمين المتاحف فميزانية الآثار حاليا تبلغ مليارا ونصف المليار ولديها إمكانيات هائلة . وأيضا ما يتعلق باللجان التى يتم تشكيلها لدفع مكافآت لمن يتم اختيارهم والاحتفالات التى تتسم بالبذخ الشديد. كذلك أطالب بفتح ملف مارينا التى أدت المجاملات فيها إلى اغتيال آثارها وقد كانت أحد أسباب تركى لمنصب الأمين العام عندما منعت لودرات وزارة الإسكان من الحفر فيها، بعدما اكتشفت أن بها آثار رومانية ويونانية والتى تم تدميرها طوال السنوات الماضية ولم يتبق منها سوى منطقة أقل من كيلو متر مكتوب عليها المنطقة الأثرية.

[td]<TABLE><TR><td>القاريء الطبيب صلاح الجمل: الفضائيات الدينية تدفعنا إلي النار </TD></TR></TABLE>[/td]

<TABLE>

<TR>
<td>سارق المتحف محترف!! </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>المشايخ في رمضان .. طرائف ومواقف عصيــبة </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>السمك والدواجن والفول طوق النجاة </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>الشهـداء. يعيشون فى المطرية </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>تجارة الموت </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>رغم تجاهل تحذيراته .. </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>تحرم مصر من 88 ألف فدان يمكن زراعتها قمحا </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>علاج للكبت .. أم فوضي مستوردة؟ الهوس الجنسي </TD></TR></TABLE>

<TABLE>

<TR>
<td>مفسرا حالة التوحد التي عاشها الشعب المصري خلف فريقنا القومي </TD></TR></TABLE>